الحكومة زعلانة.. لكن الشعب زعلان أكثر ... بقلم : بسام طالب
مقالات واراء
يا أبا منير انزلوا إلى الشارع وشاهدوا حقيقة ما يجري
وليتذكر بعض وزرائك أنهم وجدوا لخدمة البلاد والعباد وليس لغرض آخر
الحكومة زعلانة لأنها تعمل ليل نهار من أجل الشعب، والشعب لا يقدّر...
والحكومة زعلانة لأن الكثيرين لا يرون من الكأس إلا نصفها الفارغ ومن الصورة إلا سوادها، بل إن بعضهم يرى الصورة مطينة على الآخر.
الحكومة زعلانة أن هناك الكثير الكثير من الإيجابيات لا يتكلم عنها أحد، بل على العكس، فإن المتنافسين يتنافسون فيمن ينتقد الحكومة أكثر ويطحش عليها أكثر.
الحكومة زعلانة لأنها تبذل قصارى جهدها لكنها ليست مُغسّلاً وضامناّ للجنة كما تقول.
الحكومة محقة في زعلها، لكن الشعب محق في "سقه ونقه" فهو يريد أن يلمس لمس اليد انعكاس أعمال الحكومة وأقوالها على حياته بشكل إيجابي، ويرد أن يرى ذلك واضحاً في واقعه المعيشي والأسري ومستقبل أبنائه.
أما إذا كان الحال معكوساً فماذا ينفعه أو يفيده إذا عملت الحكومة بجد وإخلاص وواصلت العمل ليل نهار في حين أن أسعار البيوت طارت بالسماء والذي كان يحلم أن يجمّع قرضاً من هنا وهناك لشراء مأوى في دف الشوك أو عش الورور، في حارة الطنابر أو حتى عند العفاريت الزرق صار يلزمه ضعف هذا القرض كي ما يشتري البيت نفسه.
ماذا ينفع المواطن تفاني الحكومة وإخلاصها إذا صار المواطن يدفع ضرائباً أكثر ورسوماً أكثر وكل شيء غلا ثمنه من البابوج إلى الطربوش؟
ماذا ينفع المواطن كل هذا الكلام عن الخطط الخمسية والمشاريع المستقبلية إذا صار كيلو اللحمة بكذا، وكيلو الزيت بكذا وكرتونة البيض بكذا؟
ماذا ينفعه وهو يضع يده على قلبه خوفاً من أن يرتفع سعر المازوت وتنخفض قيمة الليرة وتطير أسعار البيوت أكثر مما هي طائرة؟
ماذا ينفعه إذا نهجوا اقتصاد السوق أم اقتصاد النوق وهو يرى أن راتبه رغم كل الزيادات التي لحقت به يتآكل أمام عينيه من حيث يدري ولا يدري؟
ماذا ينفع الخاطب الذي طلعت روحه بالطول والعرض حتى يوفر ثمن الاسوارة الذهبية لخطيبته وإذ بأسعار الذهب تحلق بالسماء؟ وإذا قالت الحكومة إن هذا الأمر لا علاقة لها به فهذه أسعار عالمية، فماذا يفعل صاحبنا؟ هل يذهب لعند كوفي عنان ويقول له: دبّرنا..؟
كلو عندنا على طلوع إلا نحنا على نزول ومو طالع إلا بلعنا
كيف تفسر الحكومة للشعب أن كل شيء عندنا يرتفع ثمنه سواء ارتفع الدولار عالمياً أم انخفض وكل شيء تهب أسعاره عندنا سواء هبطت البورصات العالمية أم ارتفعت، وسواء حميت في بغداد أم بردت في أفغانستان فكله عندنا على طلوع إلا نحنا على نزول ومو طالع إلا بلعنا.
لن نحكي عن السيارات فالمشحرين المعترين تكفيهم المكاري والسرافيس، أما الذي لديه تطلعات برجوازية لشراء سيارة صينية أو إيرانية فعليه أن يتحمل ما تجنيه عليه تطلعاته هذه وليضب لسانه ولا يعلّك، فليس له علاقة لا بسيارات المسؤولين ولا سيارات أولاد المسؤولين، ولا سيارات رفاق أولاد المسؤولين، ولا سيارات جيران أولاد رفاق المسؤولين، ولا علاقة له بهؤلاء الذين ناموا وأفاقوا ووجدوا كم جاكوار على كم بي أم على كم مرسيدس على باب البيت، والمخفي في المزارع والاستراحات المخملية أدهى وأمر.
أيتها الحكومة العزيزة يجب أن تعترفي أن هناك أزمة ثقة بينك وبين المواطن، وكل من يقول لك غير هذا الكلام فهو إما كاذب أو منافق، أو لا يتقن فناً سوى تمسيح الجوخ.
أزمة الثقة هذه لا تردمها الكلمات ولا التصريحات ولا البيانات ولا القرارات ولا ألوف المقالات.
أزمة الثقة هذه لا تردمها إلا الأفعال، فحين يلمس المواطن بأم عينيه أن التعليم والصحة والدخل وأن ما يدفعه من ضرائب منعكساً إيجاباً على كافة مناحي حياته، وقتها لا حاجة لإعلام "يبروظ" ولا لصحافي "تلمّع".
السيد رئيس مجلس الوزراء حين اضطر موكبكم لتغيير مساره إلى طريق آخر بعد اعتراض أهالي المنطقة الشرقية في ريف حلب وذلك بهدف أن تشاهدوا بأم أعينكم الطرق السيئة التنفيذ من قبل مديرية الخدمات الفنية، هذه الحادثة ليست فردية وليست معزولة ولها دلالاتها العميقة.
أراد الناس يا أبا منير أن يقولوا لكم إن هناك وجهاً آخر للأمور، وهو ليس ذاك الذي ترونه على الورق، وليس الذي يتحدثون به أمامكم، هناك وجه آخر سلبي للكثير من المسائل والقضايا المعروضة عليكم وإذا لم تنزلوا إلى الشارع فلن تروها.
الرشوة يا سيدي متفشية في كل مكان، من الشرطي إلى الجمركي إلى الموظف إلى رجل الأمن، ومن صغار الموظفين إلى كبارهم، والمحسوبية كذلك والفاسدون يسرحون ويمرحون.
كثيرون يا سيدي ما زالوا يتصرفون وكأن الدولة وما تملك هي اقطاعيات لهم وللذين أنفضهم. وكثيرون يا سيدي ما زال الوطن بالنسبة لهم بقرة يحلبها ودجاجة تبيض ذهباً وبئر نفط لا ينضب.
البلد يسير بسرعة السلحفاة، والذي ببيت أهله على مهله، الوقت لا قيمة له والأضابير ملقاة على الأرض وأوساخ داخل المكاتب تقشعر لها الأبدان وكؤوس الشاي والقهوة والمتة فوق الطاولات وتحت الطاولات أيام كان اسمها طاولات.
المواطن يا سيدي لا كرامة له، فهذا يشخط به وهذا ينهره وهذا يهدده وهذا يبتزه وهذا يعتدي على عرضه وهذا يطحش عليه، وكل هؤلاء أما مدعومين أو نصف مدعومين أو ممن يدعون أنهم من المقربين والحواشي والمدعومين.
ليخفف يا أبا منير بعض وزرائك من الكلام وكثرة البروظة على التلفزيونات وفي الصحف والمجلات وليلتفتوا إلى العمل الجاد، وليبتعدوا عن الروتين، وليتذكروا أنهم وجدوا في مناصبهم لخدمة البلاد والعباد وليس لخدمة فلان وعلتان وليرضى عليهم المسؤول الفلاني والفرع الفلاني.
ليبيضوا وجوههم أمام الشعب وليس أمام مسؤوليهم، وليحاولوا الإصلاح ما استطاعوا، وكلما تكاثر الشرفاء في مواقع القرار كلما أمسى الوطن بخير.
نحن نمر بفترة عصيبة وعلينا أن نتلاحم شعباً وحكومة، ولكن لا يجوز بأية شريعة لا على الأرض ولا في السماء أن ينظر للشعب على أنه احتياط عندما نحتاجه نناديه وعندما لا نحتاجه نرجعه إلى المستودع.
الدبور - خاص سيريا نيوز